من هدي الامام الحسين عليه السلام

– نبارك للأمة الاسلامية ذكرى ولادة الامام الحسين (ع). في هذه المناسبة لنحاول ان نتعلم من مدرسة هذا الأمام الهادي المهدي، وذلك من خلال استقراء بعض ماورد عنه من أحاديث.
 
– روي عن الامام الحسين احاديث عديدة تبين فضل السلام وثوابه وأنه يجب ان يتقدم على الكلام.
 
– ورد في كتاب ‘تحف العقول عن آل الرسول’ ثلاثة احاديث حول موضوع التحية والسلام:
-“البخيل من بخل بالسلام” فالأمام يعرّف البخيل بأنه من يبخل بالسلام ويعلمنا ان البخل لايقتصر على المال وانما يتضمن آدابا اجتماعية اخرى. كلنا يعرف كم أن البخيل مذموم في كل المجتمعات، ولهذا يجب أن نعلّم أنفسنا واولادنا على افشاء السلام وعدم البخل به.
 
– “للسلام سبعون حسنة؛ تسع وستون للمبتدئ وواحدة للراد”. هذا الحديث يحثّنا على الحرص على الابتداء بالسلام وسبق المقابل للفوز بحسنات أكثر. ولما كان السلام مستحبا وليس واجبا، فجزاؤه تسع وستون حسنة فهو يتطلب مبادرة طوعية من المسلم. أما جواب السلام فهو واجب ومن قصّر في الجواب يأثم، ومع هذا فأن الله يكتب لرادّ السلام حسنة، فسبحانه ماأكرمه وأرحمه. 
 
– روي ان رجلا قال للأمام الحسين ابتداء: كيف انت عافاك الله؟ فقال (ع): “السلام قبل الكلام عافاك الله”. هذا الحديث يعكس سمو أخلاق الأمام ورفقه في التعامل مع الناس، مع تقديم النصيحة بالتي هي أحسن. فقد أجاب الامام الشخص السائل باسلوب هادئ ملؤه المحبّة والرفق، وهذا مما يسهل ايصال الرسالة الى المقابل.
 
– كذلك روي عن الأمام الحسين العديد من الأحاديث حول ادب التعامل في الاسلام، انقل لكم حديثين منهما:
– “إيّاك وما تعتذر منه، فأن المؤمن لا يسئ ولا يعتذر، والمنافق كل يوم يسئ ويعتذر”. هذا الحديث يعلمنا ان تكرار الاساءة من علامات النفاق لأن المؤمن يحرص على ان لا يسئ الى احد، واذا اساء بدون قصد اعتذر ولم يكررها. أما من يسئ ويعتذر باستمرار فهو منافق وغير مخلص في علاقته لانه يكرّر الخطأ مرة بعد مرة فاعتذاره غير حقيقي وغير صادق لانه بلسانه فقط وليس بقلبه.
 
– “من حاول أمرا بمعصية الله كان أفوت لما يرجو وأسرع لما يحذر”. يعلمنا الأمام انه اذا كان لدينا هدف معيّن، ربما زيادة المال او الحصول على وظيفة او مركز معيّن او غير ذلك، فأن الوسيلة لتحقيق هذا الهدف يجب ان لايكون فيها معصية لله، لان معصية الله تسلب التوفيق وتذهب بخير الدنيا والآخرة. 
 
– من مصاديق الحديث اعلاه ماحصل لعمر بن سعد يوم عاشوراء، فقد كان يرغب في الحصول على مال كثير ويريد موقع اداري كبير لكن الوسيلة لتحقيق ذلك كانت بقتل الحسين (ع) فلم يحقق هدفه وخسر الدنيا والآخرة. ومثال آخر تاجر يكذب ليبيع بضاعة رديئة فسينكشف كذبه ولن يبارك الله له في الربح، والأمثلة كثيرة.
 
– وايضا روي عن الامام الحسين (ع) احاديث في فضل العلم وصفات العلماء:
– “من دلائل علامات القبول؛ الجلوس الى أهل العقول”. يحثّنا الأمام في هذا الحديث على الحرص على مجالسة الاشخاص الذين يقرأون ويتدارسون العلم ويستعملون عقولهم، لان مخالطة المفكرين تزيد في الفكر والعلم وتطوّر الأنسان والمجتمع نحو الأفضل وفيها خير الدنيا والآخرة.
 
– “من دلائل العالم انتقاده لحديثه وعلمه بحقائق فنون النظر”. في هذا الحديث يؤكد الامام (ع) على ضرورة النقد الذاتي ويعتبره من علامات العالم الحقيقي. فالعالِم ينبغي ان لا يكون مغرورا بل يكون متواضعا يتهم نفسه وينقدها ويقوّم مااعوجّ من افكاره وأعماله. اضافة الى  ‘النقد الذاتي’ يشير الأمام الى صفة اخرى ينبغي ان يتصف بها العالِم، وهي ‘العلم بحقائق فنون النظر’. ربما يكون المعني من فنون النظر هو فن الحوار وتبادل وجهات النظر، ومايتطلبه من احترام الآخر وعدم المقاطعة والهدوء والرفق والاخلاق العالية، اضافة الى الاسلوب العلمي والتحقق من المعلومات. وربما المعني من فنون النظر الطرق والمناهج العلمية الدقيقة في البحث والدرس، مع القدرة على التمييز بين الافكار البناءة والافكار الهدامة والقدرة على التأمل والتفكّر الفعّال. وعلى اي حال فهذا المقطع يؤكد على عمق واهمية المسؤولية الاجتماعية للعالِم خاصة ولجميع الناس بشكل عام. 
 
– نسأل الله تعالى في هذه المناسبة العطرة ان يوفقنا لنتبع وصايا امامنا ونطبق هذه التعاليم السامية في حياتنا اليومية وان نحمي انفسنا واهلينا ومجتمعنا من الانزلاق في خط الانحراف كما حرص على ذلك الامام الحسين (ع) لنكون من المؤمنين حقا، انه سميع مجيب.
 
 
د. ايمان العطار
٣ شعبان ١٤٣٩
٢٠١٨/٤/١٩

Leave a Reply